الأربعاء، 7 ديسمبر 2016

تحولات الدراسات الثقافية و مساهمتها في المجال الإعلامي الأكاديمي
الطالبة :سعداوي فاطمة الزهراء                             
Fatima.amoula@gmail.com
مقدمة
تعد الدراسات الثقافية كمفهوم و إستراتيجية منعطفا معرفيا منعطفا نقديا في مجال دراسة ظاهرة الثقافة ،و كيف تبنى تاريخيا ،حيث يهدف هذا التخصص من حيث الممارسة إلى  المساهمة قي بناء النهضة التعليمية على أساس الوعي النقدي الجديد .
فقد خرجت الدراسات الثقافية في بدايتها من رحم الدراسات الأدبية عموما ، لأن الدراسات الثقافية تنظر إلى النص الثقافي على أنه نمط من التعبير ذو مغزى شكلا و مضمونا عندما تدرس كل جوانبه بكل تعقيداته . لقد نشأت الدراسات الثقافية، واكتسبت حضورها، في بريطانيا في ستينات القرن الماضي عندما أنشأت جامعة بيرمنغهام عام 1964 "مركز الدراسات الثقافية المعاصرة" Center for Culural Studies CCCS الذي أداره في البداية ريتشارد هوغارت ثم تسلم إدارته عشر سنوات ستيوارت هول 1969 - 1979 ،هذا الأخير الذي انطلق من النقدية في تحليل الخطاب و تحدث عن علاقات السلطة و يقول أن هناك نقطة اتصال مع النقدية و انتقد الصناعة الثقافية و أنه يوجد شروط لإنتاج الثقافة ،استطاع هول بناء تصور نظري للدراسات الثقافية ،بعدا هذا جاء دافيد مورلي و انطلق من دراسات هول و أخز انشغال أخر و ركز عليه ،و هنا نواجه مشكلة بحثية في التحولات التي عرفتها أعمال مورلي و التي مست تحول في الدراسات الثقافية من ناحية المنهج من جهة و من ناحية و الموضوع من جهة أخرى ،فنقطة التحول في الدراسات الإعلامية و المتعلقة بدراسات تلقي الجمهور من حيث دراسة البرامج و الحصص ... لمعالجة هذه المشكلة حاولنا الإجابة على التساؤل الرئيسي :ماهي التحولات التي عرفتها الدراسات الثقافية ؟و مامدى مساهمتها في المجال الأكاديمي ؟
  كثر الحديث في العقدين الأخيرين عن الدراسات الثقافية و الهويات و تعدد مفهوم الثقافة و اختلف باختلاف المنظرين و الباحثين و المدارس ،و اتصفت كذلك بعدة سمات و أنواع ،لذا نتناول في هذا الموضوع مفهوم الثقافة و المفاهيم التبعة لها و سمات و أنواع الثقافات وفق هذه العناصر :
1.تحديد المفاهيم :
·   تعريف الثقافة : إن لمصطلح الثقافة عدد كبير من المفاهيم و التعارف منها الوارد إلينا عبر الترجمة من لغات أخرى و ماهو متعلق بالحضارات و الأديان  
لغة :يشير ابن منظور إلى سمة التعددية المنظورة في مادة ثقف و هي بلا شك استثنائية بمفهوم التحول حيث تندرج في السياقات الفكرية الآتية ثقف الشيء و ثقافيا حذقه و رجل ثقف و ثقف و ثقف ،حاذق و فهم .
و يقال ثقف الشيء و هو سرعة التعلم ،و الثقافة و الثقافة العمل بالسيف ،و الثقافة ما تسوى بت الرماح و تثقيفها تسويتها . (ابن منظور ، 1999)
و ثقف تعني الحذق و الفهم و الضبط و سرعة التعلم و الفطنة و لها معاني أخرى كالتهذيب ... (العيفة، 2003، صفحة 37)
اصطلاحا :عرفها تايلور "الثقافات البدائية بأنها ذلك الكل المتكامل الذي يشمل المعرفة و المعتقدات و الفنون و الأخلاقيات و القوانين و الأعراف و عادات الإنسان المكتسبة بوصفه عضوا في المجتمع " ( ساردار زيودين وفان لون بورين ، 2003، صفحة 08)
عرفها كذلك غوستاف كلوم  Gustav Klemm  "تتضمن العادات و المعارف و المهارات و الحياة المنزلية و العامة في السلم و الحرب ،و تتضمن أيضا الدين و العلم و الفن "  (العيفة، 2003، صفحة 39)
المذاهب و الثقافية و تعريفها للثقافة :
النظرية الوظيفية :
ترى أن الثقافة هي مجموعة من الوسائل المادية و المعنوية يحدثها الإنسان و يستعملها لتحقيق غاية ما . (العيفة، 2003، صفحة 40)
من خلال هذه النظرية فإن الثقافة هي ظاهرة بيولوجية ،و الإنسان بطبعه حيوان يخضع لبعض الشروط البيولوجية الضرورية للبقاء في الحياة .
و الوظيفة هي إرضاء حاجة بواسطة نشاط يشترك فيه جميع أفراد المجتمع ،و حسب هذه النظرية فإنه لا يمكن أن يكون هناك تغيير في المجتمع إلا إذا ظهر احتياج جديد ،من ابرز مفكريها مالينوفسكي صاحب كتاب "نظرية جديدة للثقافة " (العيفة، 2003، صفحة 41)
النظرية البنيوية :
ترى البنيوية أن المدرسة التطورية خاطئة في تفسيرها و نظرتها للثقافة ، فالثقافة هى جميع نتاج الفكر الإنساني في أي مجتمع ،و أن لكل مجتمع ثقافة مبنية على الهيكل الموجود في المجتمع ،فهي لا تتطور و لا تنتشر ،بل يكون هناك احتكاك بين الثقافات .
لكن هذه النظرية اتخذها الإستعمار كمبرر للهيمنة على الشعوب البدائية في نظرهم (العيفة، 2003، صفحة 41)
على العموم فإن مختلف النظريات ركزت على مفهوم الثقافة انطلاقا من خلفيات كل تيار او مذهب ،فنموذج ماكس فيبر يرى الثقافة مجرد عامل مساعد يدفع المجتمع صوب غاياته ،أما كارل ماركس فيختزل الثقافة إلى ناتج فرعي لطور الإنتاج السائد ،في حين يرى إميل دوركايم أن الثقافة مؤسسة ضمن المؤسسات الاجتماعية الأخرى ،أما المدرسة البريطانية لعلم الاجتماع فتقول باستقلالية الثقافة و عدم حساسيتها للعوامل الاجتماعية . (العيفة، 2003، صفحة 42)
و مهما اختلفت هذه النظريات و المذاهب في تفسير الفعل الثقافي إلا أنها  تتفق في ضرورة الحفاظ على جزء معتبر يخصص للثقافة الراقية التي تعتبر الصورة الناصعة عن كل مجتمع .
عرفها نيلين جيه "هي العملية الاجتماعية التي بواسطتها يوصل الأفراد المعاني و يدركون حقيقة عالمهم و يبنون هوياتهم ،و يحددون معتقداتهم و قيمهم " (جيه، 1988)
لذا فالثقافة تعتبر جزءا كبيرا من التحول الثقافي .
·       تعريف التحول الثقافي :
لقد اتسع ميدان الثقافة في ذاته بشدة بعدما دخل مفهوم التحول الثقافي من قبل فريدريك جيمسون  .حيث يرى أن النمط الإستهلاكي أصبح ثقافة الحياة اليومية ،
فالأفراد يجدون هوياتهم في أنشطتهم و أعمالهم و أوقات ترفيههم ،و يبرز هذا التصوير واضحا في الحياة الأمريكية .
فالتحول الثقافي أدى لمزيد من التأكيد على المعنى و الثقافة على حساب السياسة لأن الأفراد أصبح تركيزهم منصبا على الثقافة الحديثة عرفها جيمسون في الوقت الذي كانت تشهد فيه الفترات الأولى من القرن العشرين تحولا لغويا أدى إليه فكر لودفيش فيتغشتاين و فرديناند دوسوسور .
لقد ساعدت البنيوية الاجتماعية بدرجة كبيرة في هذا التطور نومع التحول تجاه المعنى  ،تراجعت أهمية الفنون الراقية و الثقافة الجماهيرية في الدراسات الثقافية ،و إذا ماكانت الثقافة تدور حول الأشياء (مسلسل تلفزيوني ) إلا أنها أصبحت الأن تدور حول عمليات المعنى وممارسته فقد ساعد التحول الثقافي الدراسات الثقافية على كسب المزيد من الإعتبار كنظام أكاديمي نو بالتحول بعيدا عن الفنون الراقية زادت اهمية هذا التخصص و تاثيره على الأنظمة الأخرى .
فالتحول الثقافي هو "مجموعة كبيرة من البواعث النظرية الأتية من مجالات كانت خارج نطاق العلوم الاجتماعية سابقا خاصة مابعد البنيوية ،مما أكد الدور المعتاد و الاجتماعي البنيوي للعماليات و الأنظمة الثقافية للدلالة ". (stemmetz, 1999)
·       تعريف الدراسات الثقافية :
هي مزيج من تيارات فكرية و نظرية و فنية متنوعة المرجعيات لأجل بناء نماذج للتحليل تنصب على الممارسات و الخطابات في تنوعها و تعدد أشكالها (كاظم، 2016)
Les cultural studies (« études culturelles », « sciences de la culture ») sont un courant de recherche d'origine anglophone à la croisée de la sociologie, de l'anthropologie culturelle, de la philosophie, de l’ethnologie, de la littérature, de la médiologie, des arts, etc. D'une visée transdisciplinaire, elles se présentent comme une « anti-discipline » à forte dimension critique, notamment en ce qui concerne les relations entre cultures etpouvoir. Transgressant la culture académique, les cultural studies proposent une approche « transversale » des cultures populaires, minoritaires, contestataires, etc (موسوعة ويكيبيديا Wikipédia، 2015)
 2.     أنواع الثقافات :للثقافة عدة أنواع من أهمها :
-الثقافة النخبوبة :هي الثقافة التي تحصلت عليها نخبة من المجتمع بواسطة عدة وسائل منها الكتاب ،و هي ثقافة مكتوبة لا يتحصل عليها إلا من يعرف الكتابة و القراءة ،و هي تعبر عن مواقف المجتمع عندما تكون نابعة منه ،و هي التي يطلق عليها محمد عابد الجابري اسم الثقافة العالمة . (محمد عابد الجابري، 1977)
- الثقافة الشعبية :
الثقافة الشعبية Popular culture (أو ثقافة الشعب) هي مجموع العناصر التي تشكل ثقافة المجتمع المسيطرة في أي بلد أو منطقة جغرافية محدودة، غالبا باستخدام طرق إعلام شعبية. تنتج هذه الثقافة من التفاعلات اليومية بين عناصر المجتمع إضافة لحاجاته ورغباته التي تشكل الحياة اليومية للقطاع الغالب من المجتمع. (النبأ، 2016)هذه الثقافة تتضمن أي من الممارسات و عادات الطبخ و المأكولات و الثياب و الإعلام و نواحي التسلية المستخدمة. إضافة للرياضة و الأدب. غالبا ما يستخدم مصطلح ثقافة شعبية كمصطلح مضاد ومخالف للثقافة العليا او النخبوية.
-  أو هي الثقافة الشفوية التي ينقلها المجتمع من جيل  لأخر كالشعر الملحون و الحكايات و العادات و التقاليد و في الغرب يسمى الفلكلور من غناء و رقص ،هذا الفلكلور يعبر عن تفاعل مباشر بين الناس بشكل متناغم تتبوأ فيه الكلمة الشفهية المكانة الأولى.
-   تعريف الفلكلور : مؤتمر الفلكلور عقد أرانهيم Arnheimبهولندا 1955 " هو المأثورات الروحية الشعبية و بصفة خاصة التراث الشفوي OralTradition ، و هو أيضا العلم الذي يدرس هذه المأثورات " (العنتيل، 1987، صفحة 44)
و تتألف كلمة فلكور من مقطعين (Folk)(Lore )
Folk و تعني الناس أو الشعب .
 Lore و تعني معرفة أو حكمة .
فالفلكلور هو معارف الناس أو حكمة الشعب (العنتيل، 1987، صفحة 16)
- الثقافة الجماهيرية : هي ثقافة مرتبطة بوسائل الإتصال و تنقل بواسطتها ،و هي تؤثر على أفراد المجتمع بالتكرار و طول الزمن .
- هي المواقف الجديدة التي تنشرها وسائل الإعلام و الإتصال لدى الجماهير الواسعة .
- هي تلك المحتويات التي تبثها وسائل الإعلام الجماهيرية في المجتمع التقني المعاصر ،و بشترط في وجود الثقافة الجماهيرية وجود المجتمع الجماهيري ،و الذي هو وليد التطور التكنولوجي . (عزي عبد الرحمان ، 2010، صفحة 49)
*         خصائص الثقافة الجماهيرية :
A.  النمطية أو المعيارية :إذ أنها تمثل القاسم المشترك في المجتمع ، و ما هو عام فهي تزيح الخصوصيات المحلية الثقافية و غيرها .
B.  ترسيخ قيم الإمتثالية  :إذ أنها تعمل على تثبيت الأنماط الاجتماعية و الثقافية السائدة ،و لا تسمح غلا نادرا بإحداث التغيير الاجتماعي و المساس بماهو قائم .
C. تنمية النزعة الاستهلاكية في المجتمع بالاعتماد على الإشهار و تسويق البضاعة المادية . (عزي عبد الرحمان ، 2010، الصفحات 49-50)
3.                        نشأة الدراسات الثقافية :
   قبل الحديث عن نشأة الدراسات الثقافية نحاول معرفة العوامل و الأسباب التي كانت سبب في ظهورها .
العامل الأول :تزداد أعداد الظواهر و المشكلات التي تعجز المناهج السياسية و الاقتصادية التقليدية عن تفسيرها ،و هو ما أدى لظهور عدد من الباحثين و العلماء و المثقفين الذين بدأو يعبرون عن ضيقهم من هيمنة تلك العوامل على عمليات فهم الظواهر  في المجتمعات المختلفة و تفسيرها و شعورهم بأنها غير كافية ،في المقابل إهمال المداخل الثقافية و تجاهل إمكانياتها التفسيرية .
العامل الثاني  :تزايد نزعة تكميم الظواهر و المبالغة في استخدام المناهج الكمية و الإحصائية في الدراسات الاجتماعية ،حيث كان الباحث الاجتماعي النموذجي الذي يستحق وصف باحث علمي موضوعي و محايد نو هو ذلك الباحث الذي يعمد إلى تحويل الظاهرة إلى عدد من المؤشرات التي يمكن قياسها كميا ، حتى لو أدى ذلك إلى استبعاد دراسة تلك العناصر الثقافية من الظاهرة التي يصعب قياسها كميا ،و في المقابل تم التأكيد على أن ثمة أعماق ثقافة جوهرية للظواهر لا يمكن الوصول إليها غلا عبر ذاتية الباحث ،فهما و تفسيرا و تأويلا لا مجرد الوصف الكمي للظاهرة
العامل الثالث:هو العامل يتعلق بمراجعة مسالة الموضوعية و الذاتية ،حيث كان الاتجاه السائد و حتى عقود قريبة أن النموذج الرئيسي للعلوم الطبيعية التي لابد أن يتوفر فيها شرط الموضوعية ،و هو الشرط الذي يعني أنه لابد أن تتوافر في البحث مفاهيم و إجراءات منهجية دقيقة ،بحيث أنه لو طبق أكثر من باحث ذات منهجية فلابد أن يصلوا لذات النتائج ،و كان التصور أن العلوم الاجتماعية لابد أن نحاول أن نصل لنفس المستوى . (فؤاد السعيد، الصفحات 1-2)
فهذه العوامل تنصب كلها في الحاجة ‘لأي تغيير المناهج المستخدمة انطلاقا من المناهج الكمية و الإحصائية و مراجعة مسألة الموضوعية و الذاتية في معالجة و تفسير الظواهر الاجتماعية
و لان هناك العديد من النماذج مثلت إرهاصات  لظهور الدراسات الثقافية كان أهمها العالم الاجتماعي الألماني ماكس فيبر الذي حاول الإجابة على السؤال :لماذا نشأت الرأسمالية في انجلترا و ألمانيا و لم تنشا في مجتمعات أوروبية أخرى ؟
و توصل إلى إجابة ثقافية بالدرجة الأولى تتعلق بالعلاقة بين الأخلاق البروتستانتية و بين الرأسمالية خاصة فكرة التراكم الرأسمالي ،فنشأت فكرة التركيز على الاستثمار في الأصول ،من هنا اكتشف ماكس فيبر علاقة هامة بين منظومة القيم السائدة في مجتمع معين و بين نشوء نمط اقتصادي و سياسي معين .
جاء تعبير الدراسات الثقافية من خلال مركز الدراسات الثقافية (CCS) Center for Culural Studies بجامعة برمنجهام الذي تأسس سنة 1964 .
منذ السبعينيات بدأت الدراسات الثقافية في الانتقال إلى مجتمعات خارج بريطانيا حيث هاجرت إلى كل من الولايات المتحدة و كندا و استراليا و فرنسا و الهند ،و خلال الثمانينيات أصبحت الدراسات الثقافية في كل دولة ،تسم بمميزات القومية و مستقلة .
كان لكتاب "الإستشراق " لإدوارد سعيد 1978  علامة مهمة في تطور الدراسات الثقافية خاصة تفسيره للكيفية التي أثر بها الإستشراق على الإدراكات الغربية عن الإسلام و الشرق الأوسط ،حيث أوضح أنه في الوقت الذي كان الفرنسيون و البريطانيون منهمكين في توسيع نطاق مستعمراهم  و ترسيخ دعائم نفوذهم ،تشكلت أيضا لديهم الأفكار السلبية المرتبطة بالشعوب الخاضعة للإستعمار ،ففي خضم الأعمال الأدبية و الدراسية كان يتم تقديم المستعمرين بوصفهم أناسا يغلب عليهم التدني و ضيق الأفق و الفساد الأخلاقي و النزاعات .... (فؤاد السعيد، صفحة 03)
4.سمات الدراسات الثقافية :
تتميز الدراسات الثقافية بعدة سمات تميزها عن باقي الدراسات لأنها تهتم كثير بالعادات و التقاليد و الممارسات و الخطابات و بالإنسان في فضائه العمومي  .
1- تعمل ضمن مفهوم ممتد واسع للثقافة، وهي ترفض ثنائية الثقافة الرفيعة/ الثقافة الوضيعة، كما ترفض أي نوع من الهرمية الثقافية، فكل ما يعبر به الناس عن "حياتهم" يستحق الاهتمام والدراسة.
2 - تعنى الدراسات الثقافية بمظاهر الثقافة الشعبية جميعها، وتنظر إليها بصفتها تعبيراً مشروعاً ذا مكانة تستحق الاهتمام والاحتفال، وتعد هذه الثقافة تعبيراً سياسياً مشروعاً لا مجرد ظاهرة غريبة لافتة للانتباه.
3 - لا تصور الدراسات الثقافية :الثقافة بصفتها ثابتة غير متحولة، أو بصفتها نظاماً مغلقاً على نفسه، بل تصورها في دينامكيتها وتحولها وتجددها الدائم، فالثقافة ليست مجرد آثار صنعية أو رموز جامدة بل هي عملية تحول دائمة.
4 - تغزو الدراسات الثقافية جميع مظاهر الحياة: الأوبرا، والأزياء، وأحاديث المقاهي، وعمليات التسوق، وأفلام الرعب... إلخ لتقوم بفحصها وتحليلها، فلم يعد هناك معنى مركزي أو فضاء ممهور بامتياز خاص.
5 - الدراسات الثقافية ذات طبيعة عابرة للاختصاصات، فهي تشجع استعارة أشكال الدراسة جميعها، كما تستقبل المؤثرات المنهجية والإجرائية من كل حدب وصوب.
6 - ترفض الدراسات الثقافية القيم المطلقة وتشجع طبيعة النظر النسبي الى موضوعات دراستها. (دوhttp://daharchives.alhayat.com)
5.   أهمية الدراسات الثقافية في المجتمعات المعاصرة :
        بعدما كانت الدراسات الثقافية شبه منحصرة في التاريخ و الفنون ،عاد الاهتمام  بموضوع الثقافة مع توسيع مجالات البحث العلمي من خلال علم الاجتماع الثقافي و علم النفس الثقافي و الإنتربولوجيا الثقافية .
و ظهرت العولمة التي ساهمت في إيجاد تجمعات اقتصادية كبيرة ما عزز الاتجاه نحو دراسة التنوع الثقافي في المجتمعات المعاصرة ، مما زاد من أهمية هذه الدراسات موجة الاهتمام بالديمقراطية و حقوق الإنسان خاصة فيما يخص الأقليات الثقافية ،و هكذا أصبح من المعتاد مصادقة أفراد أو العيش بجانبهم أو العمل معهم ،حيث ينظر إليهم أقليات عرقية أو ثقافية لهم مزاجهم و أنماطهم الخاصة في اللباس و المعاملات و الخطابات و غيرها ... (غياث، 2005)
كل هذه العوامل أدت إلى الحاجة لفهم الأفراد إذ إن الفشل في التعامل معهم يؤدي إلى مجموعة من المشاكل قد تؤدي إلى الكراهية و العنف و الإرهاب ،و لعل أحد عوامل ظهور العنف و الإرهاب هو الفشل في فهم الآخر و الثقافات الأخرى ،و ما تتميز به من خصائص و ما تحمله من هموم و طموحات و إحباطات ....
و على الباحثين التخلي عن الفكرة الاستعمارية المتمثلة في البحث من اجل السيطرة و الهيمنة ،إذ إن  خطأ المنطلق يؤدي إلى أخطاء التوقعات و النتائج ،ما قد يؤدي إلى التضليل المعتمرين عليها من الساسة و العسكرين و أصحاب القرار ،من هنا تظهر أهمية الثقافة و ارتباطها بالحضارة في تسهيل اندماج أفرادها في المجتمع نو هذا ما يوضح ضرورة التعمق في دراستها و البحث فيها .

6.   دافيد مورلي و تحولات الدراسات الثقافية  :
     طرح مورلي إشكالية التلقي وسائل الإعلام التي تدخل ضمن إشكالية الدراسات الثقافية هي تلقي وسائل الإعلام و التكنولوجيا الجديدة ،مورلي حاول البحث عن علاقات السلطة و طبيعة التفاعلات داخل الأسرة ، حيث أن أعماله تصب كلها في تيار البحث عن الأسرة و التكنولوجيا ،حيث أدخل عدة أبعاد منها إدخال مفهوم الإطار المنزلي ووضع التصورات :التلفزيون ،اختيار الأسرة و اعتبارها وحدة تحليل و اهتم بالتوجه المنهجي و البحث عن المنظور الإثنوغرافي .
ركز دافيد مورلي في هذه الدراسة على محورين أساسيين :
المحور الأول :مقدمة لمفهوم السياق المحلي في التنظير .
المحور الثاني :التوجه المنهجي و استعمال الإثنوغرافيا. (Morley، 1997، الصفحات 1-3)
 فكانت دراسته حول تحليل البرامج الإعلامية العامة و المجلات ،حيث دعى للتواصل السياسي و استهداف الجماهير الكبيرة و غير المتجانسة (رياضة ،برامج منوعات ،مسلسلات ...)
فإن الهدف هو محاولة لفهم كيفية استخدام الجماهير المجموعات طريقة محددة والنشطة للتلفزيون، ومتكاملة كجزء من ثقافتهم، وهذا هو القول كيف أنها تفسير المحتوى التلفزيوني على أساس ما هي عليه، تجربتهم الاجتماعية وغيرها.
وقد درس مورلي الدراسات الثقافية حسب ستيوارت هول و ركز على مجال أخر و هو إشكالية التلقي و كيفية التعامل مع العائلات داخل الأسرة في وجود التكنولوجيات الحديثة للاتصال حيث تمحور انشغاله بصفة عامة في :

·       إقحام مفهوم السياق الأسري في دراسة التلقي .
·       النظر إلى التلفزيون كونه تكنولوجية منزلية .
·       التركيز على الدينامكية الأسرية و استخدام الأسر كوحدات للتحليل .
·       التوجه المنهجي للبحث نحو المقاربة الإثنوغرافية . (لعبان عزيز ، 2016)
فالدراسات الثقافية عرفت تحولات في الموضوع و المنهج بعدما كانت مقتصرة الممارسات خارج الأوساط الأكاديمية .
فالتحول الأول مس المنهج: لذا أصبح المنهج مشكلة حقيقية بالنسبة للدراسات الأكاديمية للثقافة قي نوع التصورات أو الممارسات التي يتعين عليها استقدامها إلى مادتها .المقابلات ،التحليل الإحصائي ؟ و التصوير الفلسفي و النقد السياسي ،التي قد تتضمن الأغاني و العروض التلفزية ،فلهذا يصعب التحدث عن منهج الدراسات الثقافية بشكل عام فهو سوى تخصص نظري و تجريبي معا وهو في أفضل حل.
 لأن النظريات و المناهج نفسها في الدراسات الثقافية تلتزم بمنطق ،حيث لا تنجرف الدراسات الثقافية عائدة باستمرار نحو المناهج التفسيرية الوجدانية Empatheticالخاصة بالتخصصات التأويلية Rermeneutic ،و مع ذلك يجعل مفهوم المنهج المستقى من العلوم الاجتماعية مركزيا بالنسبة لهوية الدراسات الثقافية فعلى سبيل المثال وضع نيك كولديري NikCouldry  "الممتاز داخل الثقافة " المنهج الذي يعده في صلب الدراسات الثقافية بأنها توفر القيم المشتركة أو الإطار العام الذي يمكننا أن ندرك أننا في حوار معه ،و من الواضح انه يختلف عن أولئك الذين يعدون الدراسات الثقافية مناقضة للمنهجية أساسا ،فهو يرى أن الدراسات الثقافية ذات منهج ثلاثي :فهو مادي و تأملي (أي أنه يتفحص باستمرار تطوره الخاص و عملياته )
و هو غير موضعي (لايؤمن بأنه يمكن تعليل الثقافة بالحقائق الموضوعية ). ( سايمون ديونغ ترجمة ممدوح يوسف عمران ، 2015، الصفحات 26-27)
و هو انتقائي من الناحية النظرية ،لأنها كانت تتعامل مع مصطلحات غير تقنية أي خارج الوسط الأكاديمي مثل الثقافة الشعبية ،العنصرية ....
و اهتم  دافيد مورلي حيث نقل اهتماماته من مجال الإديولوجيا إلى تحليل اديولوجية الرسائل التلفزيونية و دراسة العلاقات بين البنية الطبقية و فك الترميز ،مورلي أعاد الاعتبار للمناهج القديمة الإثنوغرافية  .بالإضافة إلى ما  ذكرنا سابقا أن مورلي رمز على الأسرة كوحدة تحليل في الممارسات الاستعراضية في مشاهدة البرامج التلفزيونية،لمعرفة مشكلة بناء الهويات و الجماعات ،
  التحول الثاني مس الموضوع :في هذا الجانب تحدث عن التفاعلات الأسرية والعلاقات الأسرية  الممارسات في سياقها المحلي ،و اهتم بالجانب السياسي و الفكري و الإديولوجيا
       حيث تحدث عن إشكالية الطبقية و ربطها بالعوامل التي كانت سبب في ظهور الدراسات الثقافية النوع و الجنس الحركات التحررية و الطلابية و الاحتجاجات النسوية،  لان هذه الدراسات محكها تغيير الواقع ،الصراع الطبقي هو الطبقة هي  المتغير الأساسي الذي من خلاله تنشأ الطبقية إشكالية من يملك وسائل الإعلام و غلى صالح من تعمل ؟هذه الإشكاليات عوضها بإشكاليات الهويات الإثنية و الجنسية و غيرها . (David Morley، 1992، الصفحات 1-2)
مورلي حاول البحث عن تفاعلات الأسرة الواحدة حول التلفزيون و هذا ما أسماه بالسياق الطبيعي لتلقي التلفزيون (العالم المنزلي )أي المحيط أو الفضاء الذي يتلقى فيه الفرد الرسائل الإعلامية انطلاقا من وسيلة التلفزيون .و بعد التطور التكنولوجي لمختلف تكنولوجيات الإعلام و الاتصال فزاد اهتمام مورلي بمختلف التكنولوجيات المنزلية خاصة بعد ظهور شيكه الانترنت و هذا يدل على أن لوسائل الإعلام و الاتصال دور كبير في بناء الهويات الثقافية و ثقافة الإنسان
فهذه الهويات تختلق من مجتمع لأخر و من عصر إلى عصر ،كما تختلف باختلاف التوجهات الإيديولوجية و الفكرية  و الثقافية المنبثقة من اختلاف تلك التوجهات و العادات و التقاليد .
فالتحول الواضح بالنسبة لمورلي أحدث تحول في الدراسات الثقافية  ،مورلي أكد كذلك كما أكد هول ضرورة بناء المعاني و فك الرموز و ضرورة معرفة الأطر المرجعية و المعرفية و الخلفيات و علاقات الإنتاج  أو السياق العام لمتلقي الرسالة و فهمها .
فالدراسات الثقافية في بدايتها الأولى كانت تفتقر إلى الأسس المنهجية التطور التكنولوجي لتكنولوجيا الاتصال حيث كانت أعمال هوغارت النقطة المرجعية لمعظم الكتب ،فالدراسات الثقافية من خلال فهم الرسائل الإعلامية سواء من حيث المعنى أس بناءه أو فك الرموز المشفرة لآتها إسهاماتها واضحة من خلال السياقات المنزلية حسب هول و مورلي انطلاقا من أطر معرفية معينة ، فهول طرح في هذه المسالة الإطار المهيمن و المفاوض و المعارض ،حيث تحدث عن التلفزيون البريطاني والمجتمعات التي تتمتع بالحرية ،و أن جميع أفعالنا مرتبطة بتصورات المجتمع الذي ننتمي إليه وفق سيرورات مختلفة  ،باختلاف ثقافة الإنسان في محيطه و بيئته  عاداته و تقاليده و أطره المعرفية .
فالدراسات الثقافية  هي وريث تيارات أوسع في العلوم الإنسانية ولأن مسألة القياس فيها نسبية و التعبير عن الموضوعية و الذاتية اعتبرت عوامل مهمة لظهور الدراسات الثقافية فهي مهمة في تحديد الكمي لتفسير الظواهر و اختبارها .و مع تطور الأساليب الإحصائية و الاهتمام  بالاستخدامات المنزلية حسب مورلي و اهتمام بوسائل الإعلام من الناحية المنهجية و من ناحية الموضوع زاد من مكانة الدراسات الثقافية و دورها في بناء الهويات الثقافية انطلاقا من انتشارها في الفضاءات العمومية و الخاصة و فتح المجال للتعددية و الديمقراطية في امتلاك وسائل الإعلام . 
و ناقلة القول أن الدراسات الثقافية  شكلت ملتقى للكثير من التخصصات أهمها علم الاجتماع و الإنتربولوجا الثقافية و غيرها ،و أهم التحولات التي مست المجالات الأكاديمية و الإعلامية سواء كانت من حيث الموضوع أو من حيث المنهج و اتسع حقلها اليوم  ليشمل مختلف القضايا خاصة قضايا الإعلام و الدراسات النسوية وغيرها ..، و معلوم أن المساهمات المندرجة ضمن الدراسات الثقافية تمثل شكلا من الرد على المناهج النقدية الحديثة ، و أن مورلي اهتم بالسياقات المنزلية كدليل و تجربة عن تأثير الرسائل الإعلامية التلفزيونية على متلقي الرسالة و هم أفراد الأسر كوحدات تحليل و هذا من اجل بناء الهويات الثقافية و ترسيخ القيم الثقافية لمختلف الشعوب و الدول ،فالانطلاقة الأولى  كانت للأعمال لهول والنهاية كانت للأعمال مورلي الذي  درس هول ،لكن اتخذ انشغال مغاير  و منحى آخر .

المراجــــــــع

ساردار زيودين وفان لون بورين . (2003). الدراسات الثقافية. القاهرة: المجلس الأعلى للثقافة و المشروع القومي للترجمة.
سايمون ديونغ ترجمة ممدوح يوسف عمران . (2015). الدراسات الثقافية :مقدمة نقدية. الكويت: المجلس الوطني للثقافة و عالم المعرفة.
ابن منظور . (1999). لسان العرب.،ج2،  بيروت: دار إحياء التراث العربي و مؤسسة التاريخ العربي.
العنتيل, ف. (1987). الفلكلور ماهو ؟ دراسات في التراث الشعبي . القاهرة : دار المسيرة .
العيفة, ج. (2003). الثقافة الجماهيرية . عنابة الجزائر : منشورات جامعة باجي مختار _عنابة _.
 شبكة النبأ,. (2016).
جيه, ن. (1988). دليل علم الإجتماع.
عزي عبد الرحمان . (2010). دعوة إلى فهم علم الإجتماع الإعلامي. بيروت و تونس: الدار المتوسطية للنشر ،ط1.
غياث, ب. (2005). تحولات ثقافية . الجزائر : دار الغرب ،ط1 .
فؤاد السعيد. الدراسات الثقافية و التحليل الثقافي. المركز القومي للبحوث الإجتماعية و الجنائية . David Morley. (1992). Television, Audiences, and Cultural Studies. London: Routledge.
Morley, D. (1997). la problématique de la réception. Université de Montréal.                                                                                        
stemmetz. (1999). State culture :state formation after the cultural.
كاظم, نادر . (2016, ). جريدة الأيام .
لعبان عزيز . (2016). الدراسات الثقافية لما بعد الحداثة،.  محاضرة غير منشورة ،دكتوراه تخصص إتصال جماهير ي ،جامعة الجزائر 3.
محمد عابد الجابري. (1977). وحدة الثقافة العربية و صمودها بوجه التحديات .مؤتمر . بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية .
موسوعة ويكيبيديا Wikipédia. (2015, ديسمبر. Récupéré sur Cultural studies — Wikipédia.
 موقع ألكتروني تاريخ الزيارة 22-03-2016 على الساعة 22:00http://daharchives.alhayat.com. (




 



هناك تعليق واحد: